تصريح حوثي ناري.. ”قاتلنا أربع سنوات لنفرض شروطنا على العالم ليتقبلنا كما نحن.. السادة"..!

محمد بن سلمان ومحمد بن زايد

2018-11-24أ£ الساعة 07:20ص (بويمن - متابعات)

 

أسبوع على جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن، شهد الكثير ولم يتمخض عنه الكثير، منطق السلام بلغة وفهم الحوثيين يقوم على التالي "قاتلنا أربع سنوات لنفرض شروطنا على العالم.. وعلى العالم أن يتقبلنا كما نحن.. السادة.. ومن اقترب حاربناه ودفناه".

هذه ليست استخلاصات تحليلية. لكنها لغة ومنطق مفاوض حوثي وقيادي بارز في الصف السياسي الأول، عضو المجلس السياسي للجماعة، وأحد أعمدة وفدها إلى مفاوضات ومحادثات تتبناها الأمم المتحدة.

اقراء ايضاً :

عشية وصول المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى العاصمة صنعاء، الأربعاء، بل في اليوم نفسه، سجلت قيادات حوثية معنية مباشرة بملف المحادثات ومساعي غريفيث لدى الجماعة رسائل مباشرة وأطلقتها على منصات اجتماعية وإعلامية وابلاً من رصاص فوق رأس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وممثله البريطاني الذي حط بمطار صنعاء ومعه أسطول من أربع طائرات عليها شعار الأمم المتحدة. غالبا جيئ بها كعربون حسن نية وتحت تصرف جرحى وقيادات حوثية لنقلها إلى الخارج بضمانة ومرافقة غريفيث.

نتائج حوثية مقدمة لمفاوضات مفترضة

القيادي والمفاوض الحوثي عبدالملك العجري لم يكن يتحدث من نفسه أو برأيه، لكنه غرد في تويتر بلسان الجماعة والقيادة العليا (نحن) التي ستختلي بغريفيث بعد ساعات قليلة، كان الرجل في المطار عندما استقبلته الجماعة برسائل من نار تستبق النتائج بالمعطيات وبالشروط وبالنتائج سلفاً.

كل محاولات ومساعي المبعوث البريطاني/ الدولي إلى تصدير تفاؤل وبشائر انفراجة من أي نوع ورسائل جيدة نظرياً تحسب له، ولو على سبيل القرض المقدم، لم تفلح أبداً في كسر لغة الصد والرفض والممانعة الحوثية.

خطاب التحدي والاستهتار والاستخفاف بكل الضغوط والدعوات إلى السلام في اليمن يرافق ويشيع كل جولات غريفيث المكوكية إلى صنعاء وضغوطات الأمريكيين والبريطانيين باتجاه الطرف الآخر لكف فعل وجهد المقاومة ومواجهة الانقلابيين على الأرض.

يلخص العجري، من حيث هو في ضيافة الغربيين، بلسان الجماعة مع استقبال غريفيث الرسائل في رسالة واحدة قصيرة وحاسمة لمن أراد أن يفهم لا أن يتوهم أو يتعلق بأوهام النوايا الحسنة والمخفيات المغيبة غير الحسنة.

ولا بأس من اقتباسها نصاً وكما هي لفائدة في السياق: "اربعة اعوام من العدوان روينا جغرافيا اليمن بدمائنا كي يقتنع العالم إنا لن نقبل الحياة الا بشروطنا وعلى العالم ان يقبلنا كما نحن السادة على ارضنا ومن يقترب منها ستحاربه حجارها وصخورها وسندفنه في رمالها".

بهذه اللغة والحدية البانة يستقبلون ويودعون المبعوث الأممي الذي يتحدث بلغة لا تفيد موقفاً ولا تقول إن الرجل استخلص أي تنازلات ومن أي نوع من جماعة يصنفها ويصفها قرار دولي بالمليشيا والانقلاب المدان ويلزمها "فوراً" بعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل سبتمبر 2014. فوراً هذه بقيت في مكانها منذ أربع سنوات.. ومنذ أربع سنوات يقول الحوثيون "نقاتل لنفرض سيادتنا كأسياد.." وانتهى الأمر.

قد ينجح غريفيث، بفعل مغريات وتنازلات وامتيازات كثيرة ساقها للحوثيين، في ضمان حضور وفد حوثي لاجتماع في السويد مطلع ديسمبر المقبل. الحضور نفسه لم يعد مشكلة ولا يمثل إضافة أو مكسباً لحساب السلام بما أن الشروط تفرض منطقاً آخر يراوح في نفس المكان الذي بدأ منه كل شيء قبل أربع سنوات.

فوضى مواقف أمريكية

من موضع آخر للرؤية يستوقف المتابع بيان صدر الأربعاء عن الخارجية الأمريكية، وكأنه يستنسخ أو يعيد صياغة مفردات مشروع القرار البريطاني المقدم لأعضاء مجلس الأمن ومفصل على مقاس معركة الحديدة ويمنع تحريرها، كما يضمن بقاء الحوثيين في المدينة. البيان الأمريكي الأخير يشدد على سرعة تسليم الميناء لإدارة محايدة (..) وهذا هو السلام ومنطق البريطانيين نفسه.

وهو منطق الحوثيين الذين باتوا يعرضون تسليم الميناء والبقاء في المدينة خلال اشتداد المواجهات وتقدم قوات تحرير الحديدة داخل المدينة. لم يوافق أحد. لكن منطق مصنع وبيت الدبلوماسية الأمريكية والسياسة الخارجية تحدث وكأن الأمر صار متفقاً ومفروغاً منه ويأمل فقط سرعة تسليم الميناء لإدارة محايدة! أما من هي هذه المحايدة؟ فربما تكون إيران. من يدري، فالأمور لم تعد تخضع لأي سياق منطقي.

بيان الخارجية الأمريكية جاء في اليوم نفسه مع تصريحات وزير الدفاع جيم ماتيس حول موعد انعقاد اجتماع السويد في أوائل ديسمبر (على الأرجح). أما لماذا وزير الدفاع يتولى الحديث في قضايا سياسية ومن صميم عمل السياسة الخارجية لوزارة الخارجية؟ فلا تفسير أفضل من السؤال المقابل له وهو لماذا تتولى وزارة الخارجية الحديث عن ترتيبات عسكرية مفترضة في الميناء؟ وهما معاً يخالفان أو يتباعدان عن بيان في اليوم السابق باسم البيت الأبيض يدعو إيران إلى التوقف عن دعم الحوثيين والانسحاب من اليمن أولاً، ويتهمها بالمسئولية عن دعم حرب دموية بالوكالة في اليمن ضد السعودية.

لقد ولّى اليوم الذي تستطيع معه استخلاص موقف أمريكي واضح وواحد ومحدد. ثمة ما يقال عن تبادل أدوار وتوزع مهام وتلاعب غامض يحتمل تفسيرات عدة من أهمها الابتزاز واستدرار المصالح باستمرار. لكن، أيضاً، ما هو موقف أمريكا في النهاية؟ لا أحد يعرف. إلا أنها أيضاً تعمل بمعية بريطانيا في الأمم المتحدة لتمرير ضغوط والتصويت في النهاية على مشروع قرار ينبغي التوصل إليه في نهاية المداولات المستمرة.

التحالف.. ولقاء المحمدان

التحالف العربي المنفتح على خيارات وأولويات السلام والمفاوضات، لا يخفي تذمره وتشاؤمه حيال ما سيحدث، ولا يبني آمالاً عريضة على النتائج المتوقعة. وهو يحتفظ فعلياً، وبصورة جيدة، بفاعلية خياراته الاستراتيجية على الأرض وإنفاذ مهام وواجبات اقتضتها من اليوم الأول مسئوليات الاستجابة لدعم الشرعية في اليمن.

قال الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، الخميس: "لولا التدخل الإيراني في اليمن، لرأينا الأزمة اليمنية منتهية منذ وقت طويل بخسائر أقل".. مضيفا، إن موقف تحالف دعم الشرعية، هو الدفاع عن حقوق اليمنيين وحمايتهم وتقديم أفضل السبل للمعيشة. وعن المفاوضات اليمنية المرتقبة في السويد عدها خطوة جيدة "شريطة أن تتحلى ميليشيات الحوثي بالجدية اللازمة لحل الأزمة".

بالنظر إلى مخرجات لقاء غريفيث بزعيم الحوثيين، وبالنظر إلى رسائل التحدي التي صدرت عن قيادات الجماعة مع وصول غريفيث، لا يمكن، أبداً، التطلع إلى أن تتحلى المليشيات بالجدية اللازمة لحل الأزمة. إنهم يقولون الآن باختصار ووضوح وتحد: صرنا أمراً واقعاً، وعليكم التعامل معنا كأمر واقع وباعتبارنا الأسياد هنا. وإلا فنحن سنحارب دائماً وإلى ما لا نهاية.

زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المفاجئة، مساء الخميس، إلى أبو ظبي ولقاؤه مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد قد تتقاطع مع مشاغل وقضايا الملف الشاغل لعاصمتي ودولتي وقيادتي التحالف. ومن المتوقع أن يعرض المحمدان خارطة المواقف والمعطيات ويأخذا قرارات بهذا الصدد.

الموجز يمنياً

الغائب الأكبر أو الأكثر غياباً، في الأثناء وفي النقاشات، هو الطرف الذي يمكن اعتماد موقفه جامعاً وممثلاً لمواقف اليمنيين.. واليمنيون يتطلعون إلى أن يكون المجتمع الدولي وضغوطاته ليست إلا دراما سياسية من نوع ما لا تقدم حقيقة ما يضمره لليمن. هذا قد يكون تفاؤلاً أو قد يكون هروباً إلى التفاؤل.

تبقى حقيقة أن الأصابع المشدودة إلى الزناد والعساكر الواقفة على خط التماس والنار تمثل بالنسبة إلى غالبية اليمنيين الخيار والأمل والقرار. لكن هؤلاء، أيضاً، لديهم التزامات تجاه مرجعيات ورؤساء على جبهة السياسة والقيادة العليا. أما الشعب فهو الرئيس والقائد وصوته وقراره مؤجل إلى حين وليس إلى ما لا نهاية.

 
 
الأكثر زيارة